التسامح هو اللين في التعامل والترفّع عن أخطاء الآخرين وتقبّلها، والتسامح الدينيّ هو مفهوم أعمق من ذلك، إذ يعني تقبّل كافة الأشخاص من جميع الأديان والثقافات، ولعلّ الإسلام هو أكثر الأديان تطبيقاً لهذا المفهوم، حيث ضرب لنا أجمل المواقف والأمثلة التي تدلّ على التسامح الديني الذي كان موجوداً في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي الحضارة الإسلامية كذلك.
عاش الناس في ظلّ الحكم الإسلامي بمحبّة وتعاون بين مختلف الأفراد من جميع الأجناس والأديان، ووضعت أحكام تضمن حقوق كل فردٍ يعيش في الدولة الإسلامية، ولا زالت تعاليم الإسلام موجودة وقادرة على النهوض بالشعوب نحو تحقيق المنفعة العامة التي تتّخذها الدول غير الإسلامية شعاراً لها.
التسامح الديني في نظر الأديانيهدف التسامح الدينيّ إلى نبذ التطرّف حتّى يستطيع جميع أفراد المجتمع العيش في جو من الألفة والمحبّة والتعاون للنهوض بالمجتمع، فالتعصّب الدينيّ لطالما تسبّب بحروب أوقعت الكثير من الضحايا على مر العصور، ولأهميّة التسامح الديني فقد نادى العديد من المفكرين والفلاسفة بأهمية تطبيق مبادئه، لما له من آثار إيجابية على الشعوب، ورغم محاولة تطبيق العديد من الأديان غير الإسلامية لهذه المبادئ إلّا أنّها كانت توقع العديد من العقوبات على من يخالف هذه الأديان.
في العصور الوسطى كان هناك العديد من الصراعات ما بين الكنيسة والمؤسّسات غير الدينية في الدولة، إذ كانت توقع عقوبات شديدة على من يحاول الانحراف عن الدين المسيحيّ، ولهذا فقد كان هناك حركات للإصلاح الديني في العديد من الدول ولكنها سرعان ما اصطدمت هذه الحركات بنزاعات ما بين كبار رجال الدين ورجال الحكم في دول الغرب إذ رفض العديد من رجال الدين الانصياع لأوامر الحاكم ومع اختلاف الطوائف الدينية المسيحية اتسعت دائرة النزاع لأن كل طائفة ترى أنها هي الأحق في التدخل في شؤون الدولة السياسية ولها الحق في السيطرة عليها.
جاءت العلمانيّة في عصرنا الحالي لتجنّب التصادم ما بين الدين وحكم الدولة إلا أنها لم تنجح في فصل الدين عن السياسة، ولهذا نجد أنه مهما حاول الإنسان وضع أنظمة تعمل على نشر التسامح الديني نجد أن لكل نظام ثغرات يصعب تطبيقها أو حتى تقبّلها من قبل الكثير من أفراد الشعب، وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى أن التسامح الديني هو ما جاء به الإسلام، فهو أمرٌ جاءت تعاليمه من خالق البشر الأعلم بهم وبما يمكنهم تقبّله، فالإسلام يوصي المسلمين ببر غير المسلمين ممن لم يقاتلوهم حتى لو كانوا يكفرون بالإسلام، كما أن لأهل الكتاب مكانة خاصة في المعاملة،وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن مجادلتهم في دينهم أو تكفيرهم حتى لو كانت كتبهم محرفة، حتّى لا تحدّ الكراهية بينهم وبين المسلمين الأمر الذي قد يؤدّي إلى العديد من الخصومات والحروب، ممّا يؤدي إلى انعدام الأمان في المجتمعات وانتشار الحروب.
المقالات المتعلقة بموضوع حول التسامح الديني